الأحد، 9 أكتوبر 2011

الهجرة والاندماج



الهجرة والاندماج

ألمانيا هي الدولة الأكبر في الاتحاد الأوروبي من حيث عدد السكان. حوالي 82 مليون إنسان يعيشون على الأرض الألمانية، سدسهم تقريبا في شرق البلاد، على أرض جمهورية ألمانيا الديمقراطية DDR السابقة. وتعيش الأقليات القومية بشكل أساسي في شمال وشرق ألمانيا، ومنهم دنماركيون وفريزيون وغجر ألمان وصربيون. ولكل منهم ثقافته الخاصة ولغته وتاريخه وهويته.
يعتمد الاقتصاد الألماني منذ فورة ما بعد الحرب في الخمسينيات على العمالة الأجنبية الوافدة. معظم أولئك العمال الذين كانوا يسمون العمال الضيوف (الوافدين) عادوا إلى أوطانهم، في دول جنوب وجنوب شرق أوروبا، إلا أن الكثيرين منهم بقوا في ألمانيا بغرض العمل والحياة. كما بقي في ألمانيا الكثيرون من الأتراك الذين قدموا فيما بعد. وهكذا تحولت ألمانيا ببطء من بلد "العمال الضيوف" إلى بلد مستقبل للمهاجرين.
المجموعة الثانية الكبيرة من المهاجرين هي مجموعة ذوي الأصول الألمانية، الذين كانوا يعيشون لأجيال عديدة في مناطق الاتحاد السوفيتي السابق وفي دول رومانيا وبولونيا، والذين ازداد إقدامهم على العودة إلى ألمانيا بعد انهيار النظام الشيوعي.
هاتان الموجتان من الهجرة أدتا إلى ارتفاع نسبة المهاجرين إلى ألمانيا بشكل كبير في الثمانينيات، إلى درجة أن تجاوزت نسبة المهاجرين إلى ألمانيا نسبتهم في دول معروفة تقليديا بأنها دول هجرة كالولايات المتحدة وكندا وأستراليا. حاليا يعيش في ألمانيا أكثر من 15 مليون إنسان من أصول أجنبية. ويشتمل هذا العدد حسب المكتب الاتحادي للإحصاء أيضا على الأجانب الذين حصلوا على الجنسية الألمانية والأولاد الذين يكون أحد والديهم أجنبي الجنسية. ويعتبر حوالي 7 ملايين منهم مواطنين أجانب، بينما حصل حوالي 8 ملايين على الجنسية الألمانية، من خلال التجنيس لأنهم ينتمون لحوالي 4 ملايين مهاجر رحلوا سابقا إلى خارج ألمانيا، وهم من أصول ألمانية. وبعد المهاجرين للخارج يشكل الأتراك بعددهم الذي يقرب من 2,5 مليون إنسان أكبر مجموعة من الأجانب. 1,5  مليون يتحدرون من مناطق يوغوسلافيا السابقة أو من الدول التي نشأت على أنقاضها. ويقدر عدد المسلمين في ألمانيا بأربعة ملايين.
يعمل الكثير من المهاجرين كقوة عمل غير مؤهلة، لأن ألمانيا كانت تحتاج بشكل خاص إلى عمالة تقوم بالمهام البسيطة. وقد بينت الدراسات أن أوضاعهم الاقتصادية قد تحسنت. كما أنه تم تحقيق خطوات كبيرة على صعيد الاندماج خلال العقدين الماضيين: فقد تم تسهيل الحصول على الجنسية الألمانيةمن الناحية القانونية، وتكثيف العلاقات والتواصل بين المهاجرين والألمان، وازداد قبول التنوع العرقي والثقافي في المجتمع بشكل عام. ومن خلال سريان قانون الهجرة الجديد في العام 2005 أصبح يوجد لأول مرة نصوصا قانونية تهتم بشكل فعال بكل ما يتعلق بالأجانب والمهاجرين.
ترى الحكومة الألمانية في استدراك توطين واندماج السكان من أصول أجنبية واحدة من صلب المهمات التي تضطلع بها. في هذا الإطار تحتل مهمة دمجهم في سوق العمل أولوية مطلقة، رغم أن مسائل التدريب والتأهيل وتعلم اللغة الألمانية تعتبر مفاتيح هذا الاندماج. منذ 2006 تدعو المستشارة الاتحادية أنجيلا ميركل سنويا إلى عقد قمة للاندماج، يشارك فيها ممثلون عن كافة الفئات الاجتماعية المعنية بالاندماج، بما فيها جمعيات ومؤسسات المهاجرين. النتيجة الأهم لقمة الاندماج هذه كانت "الخطة الوطنية للاندماج" في العام 2007، والتي يتم التأكد باستمرار من تنفيذها. وهي تتضمن أهدافا واضحة إضافة إلى 400 خطوة محددة تقع على عاتق هيئات حكومية واقتصادية واجتماعية: وهكذا يتم بناء شبكة علاقات تضم مؤسسات التعليم والتأهيل وهي أصبحت تضم اليوم أكثر من 5000 مؤسسة تقدم للأطفال واليافعين من عائلات مهاجرة الدعم والمساعدة في المدارس ومعاهد التأهيل المهني. وقد انتسبت إلى "ميثاق التنوع" أكثر من 500 شركة وهيئة عامة بعدد عاملين يزيد عن أربعة ملايين. وهي ترى في التنوع فرصة جيدة، وأخذت على عاتقها الالتزام بتأمين فرص أفضل للتعلم والتأهيل للشباب من ذوي الأصول الأجنبية.

من مشاهد الحياة في ألمانيا: قضاء وقت الفراغ ومغازلة النساء


من مشاهد الحياة في ألمانيا: قضاء وقت الفراغ ومغازلة النساء


لغة العيون وفن المغازلة

لكل شعب خصائصه وعاداته وتقاليده، والا لما أمكن إطلاق وصف "شعب" على مجتمع بشري ما. ويُعرف عن الألمان بالذات تميزهم عن الأوروبيين في بعض التصرفات وطرق التفكير. رافقنا في السطور التالية لنخبرك عن بعض ما نعرف!


عندما وصف"هيلموت كول"، المستشار الألماني السابق، يوما ألمانيا بحديقة الملاهي، تلقى سيلا من الشتائم من القاصي والداني. إذ، نظراً لأربعة ملايين عاطل عن العمل آنذاك، لم يلاقي انتقاده القائل بأن الناس في ألمانيا لم يعد يعرفون ما هو معنى العمل، رضى الشعب وتوافقه معه. ومع ذلك، ففي بداية القرن الماضيالنزهات اليومية في حضن الطبيعة
 كان لدى الألمان مجتمع عمل مع بعض أوقات الفراغ. أما اليوم فقد أصبح هناك مجتمع وقت فراغ مع بعض أوقات عمل. "العمل مقدس"، هذا ما شدد عليه المصلح الديني "مارتين لوتر" في ما مضى، حيث أكد مرارا وتكرارا على أهمية "الكدح والعمل". ولم يمر على الناس في ألمانيا زمن تمتعوا فيه بكمية من وقت الفراغ بقدر ما هو متاح لهم في أيامنا هذه. لكن هذا لا يعني أنهم يملكون وقتاً فارغاً. علينا اذا التفريق بين "وقت الفراغ" و "الوقت الفارغ"، إذ أن على المرء أن يمضي وقته بما فيه الفائدة، مما يؤدي حتمامتزلجو العجلات على أحد الطرق السريعة في ألمانيا
إلى ظاهرة "الإجهاد من وقت الفراغ". في النهاية علينا مشاهدة فيلم سينمائي أعلن عنه، وقراءة كتاب، فهذا لا يجعلنا أكثر غباء. وإذا مل أحدنا من ألعاب الفيديو أو التصفح في الإنترنت، يلتقي بأصحابه في الحانة ليدردش معهم عن المكان الذي سيقضي فيه إجازته المقبلة ولا يصرف الألمان نقودا على أي نشاط يقومون به في وقت الفراغ بقدر ما يصرفونه على الإجازة، ويتبعها في المرتبة الثانية قيادة السيارة ثم الرياضة والكمبيوتر. وإذا تبقى من الوقت ما يكفي، يذهب الألماني إلى ستوديو اللياقة البدنية ليخفف من "كرش الرفاهة"، تبعاً للشعار القائل: أجمل، أرشق، أليق. ولقد استطاع الألمان أن يتبنوا كل موجة أتت من الولايات المتحدة، وأياً كانت، من الـهرولة وحتى القفز بالحبل، دون أن تبعد هذه رياضات الأندية التقليدية عن الساحة، إذ ليس عبثاً ما يقال عنهم، أنه أينما التقى ألمانيان أسسا نادياً.

المغازلة هي عبارة عن "مسك اليدين بالعينين"

ثلاثون ثانية فقط تحسم كل شيء، هذا ما اكتشفه باحث سلوك ألماني، ووفقاً لنتائج أبحاثه يدرك الرجل والمرأة خلال نصف دقيقة من الزمن إن كانت هناك ملاءمة بينهما ورغبة في تطوير العلاقة وتوطيدها أم لا. من مسيرات الحب التي تجوب برلين كل عام
فعلى من يريد أن لا تفوته "اللحظة" المناسبة أن لا يتمهل وأن يعطي اهتمامه إلى شيء مهم، فالتحرش الفظ من نوع: "هل أنتِ مشغولة هذا المساء؟" قد مضى عهده وانتهى في ألمانيا. أما النظرات العميقة والعادات المؤدبة المهذبة، فهي التي من شأنها أن تلفت الانتبهاء الاى المقصود والمطلوب. لقد قال المؤلف والصحافي الألماني "كورت توخولسكي" بأن المغازلة هي عبارة عن "مسك اليدين بالعينين". أما المبالغة بإبراز الرجولة يزعج المغازلة ويعيقها. وعلى كل حال، ففي استطلاع رأي أعد حديثاً اعترفت 68 في المائة من كافة النساء بأن قلبهن يزداد خفقانا إذا قام " الرجل بمساعدتهن على لبس المعطف. ولا ترى النساء وحدهن بل الرجال أيضاً أن الكحول هو أكبر عائق عن المغازلة. يتسم الناس في ألمانيا بشكل عام بسلوك غير مقيد بالعادات والتقاليد، ففي المطعم مثلاً يدفع كلٌ حسابه بنفسه، ومن الطبيعي أيضاً أن تتحرش النساء بالرجال مثل ما يتحرش بهن الرجال. ومع ذلك، يطمح الألمان حتى في المغازلة إلى الكمال، لذلك توجد في ألمانيا مدارس لتعليم المغازلة يتدرب فيهاالتفكير العاطفي اكثر ما يشغل الاجيال الشابة
 الأشخاص على الخطوات الحاسمة المؤدية إلى بادرة الاتصال. حتى أن هناك مدرسة شعبية في "منطقة الرور" تقدم المساعدة لعدم تخطي حدود المغازلة. فيها يحصل من يفتقر إلى الخبرة في هذا المجال على معلومات هامة جداً، على نحو أن مجموعة الطوابع البريدية التي هي بمثابة وسيلة لإغراء شريك محتمل بالدخول إلى بيت المغازِل، هي في إيطاليا مجموعة الفراشات وأنه لا ينبغي أن يصدّ تحرشاً لا رغبة له فيه وقوله: "إليك عني"، بل بأسلوب أقرب إلى الشعر مثل: "ابتع لك من الأحراش حرشاً وته فيه!"