اختلفت تركيبة السكان في ألمانيا اختلافا كبيرا في العقود السابقة. فإلى جانب العمال الذين تم استقدامهم من الخارج ومن تبعهم من ذويهم فقد قدم إلى ألمانيا في أعقاب الحرب العالمية الثانية ما يقرب من ٢,٥ مليون شخص من حاملي الجنسية الألمانية وممن لهم أصول ألمانية هم وأسرهم، والتي ازدادت أعدادهم من مناطق الاتحاد السوفيتي السابق بعد تفكك الكتلة الشرقية. ومنذ منتصف عام ١٩٩٠ وفد أكثر من مائة وتسعين ألف مهاجر يهودي من الدول خليفة الاتحاد السوفيتي. وبالإضافة إلى ذلك فإنه قد قدم إلى ألمانيا ومازال يأتي إليها مطاردون سياسيا من جميع أنحاء العالم وكذلك اللاجئون الهاربون من الحروب الأهلية في مناطق النزاعات (على سبيل المثال من البوسنة والهرسك) –وذلك لطلب الحماية لفترة مؤقتة- و قد رحلوا جميعا تقريبا عن ألمانيا فيما بعد. وسوف تؤدي عولمة الاقتصاد والسهولة المتزايدة بوجه عام في الانتقالات إلى حدوث المزيد من حركات الهجرة.
ويمكن أن تقدم سياسة حديثة للهجرة الحل لهذه التحديات التي تواجه المجتمع: فبدءا من الأول من يناير/ كانون ثان ٢٠٠٥ تقوم ألمانيا بتنظيم قضية الهجرة إليها وإقامة الأجانب بها لأول مرة في قانون واحد. والنقاط الأساسية هي فتح سوق العمل أمام العمالة عالية التأهيل وكذلك سياسة تطمح إلى دمج الأجانب في المجتمع. وبذلك تفتح ألمانيا أبوابها أكثر من ذي قبل للهجرة إليها. كما يصبح الآن في مقدور الطلبة الأجانب الذين أتموا دراستهم الجامعية بنجاح أن يظلوا في ألمانيا لمدة تصل إلى العام الكامل للبحث عن عمل مناسب. وعقب ذلك يمكنهم أن يقوموا بمد فترة تصريح الإقامة الخاص بهم أي التقدم بطلب الحصول على تصريح بالإقامة المفتوحة. أما ذوو التأهيل الفائق فيمكنهم أن يحصلوا مباشرة على تصريح إقامة دائمة. وكذلك أصحاب الشركات من الأجانب الذين يرغبون في خلق فرص عمل في ألمانيا والذين لديهم رأس مال خاص لا بأس به، فإنه سيتم تسهيل إجراءات حصولهم على الإقامة. وبذلك فإن قانون الهجرة الجديد يخدم تحسين قدرة الاقتصاد الألماني التنافسية كما يمنح البحث العلمي نبضات جديدة من خلال تحقيق درجة أعلى من الوحدة الدولية. وبالإضافة إلى ذلك فإن القانون الجديد يسهل الحصول
على حق الإقامة بوجه عام، ويدعم دمج الأجانب من خارج الاتحاد الأوروبي في المجتمع من خلال دورات إجبارية لتعلم اللغة كما يعمل على تقصير وقت إجراءات اللجوء. كما يسهل هذا القانون أيضا –بالنظر إلى قضية مكافحة الإرهاب- طرد الأجانب الذين يتم تقييمهم كأشخاص ذوي خطورة.
يكفل الدستور (القانون الأساسي) لجمهورية ألمانيا الاتحادية الذي يعود إلى عام ١٩٤٩ الحماية لهؤلاء الذين يلاحقون سياسيا في أوطانهم. وبالرجوع إلى هذا الحق الأساسي فقد حاول في الفترة بين عامي ١٩٨٨ و١٩٩٣ ما يزيد على ١،٤ مليون شخص، معظمهم إلى حد كبير من دول الكتلة الشرقية المنهارة، الحصول على حق الإقامة في ألمانيا، إلا أن عددا قليلا منهم هو الذي كان قد تعرض بالفعل للملاحقة السياسية في أوطانهم؛ ولذلك فقد تم في الفترة الزمنية ذاتها منح حق اللجوء لما يقرب من ٥٧٠٠٠ فقط من مقدمي طلبات اللجوء. وللحيلولة دون هذا الاستغلال الواسع لحق اللجوء، فإن الأمر كان يستلزم تعديلات جديدة دون المساس بجوهر قانون اللجوء. فمنذ عام ١٩٩٣ لم يعد باستطاعة الأجانب الذين يأتون إلى ألمانيا عن طريق دولة ثالثة آمنة أو الذين يفدون من أوطان آمنة أن يستيفدوا من هذا الحق الأساسي في قانون اللجوء. ومنذ ذلك التاريخ وعدد مقدمي طلبات اللجوء في تناقص مستمر حتى وصل عددهم في عام ٢٠٠٣ إلى ما يقرب من ٥٠٥٠٠ شخص، وهو أقل عدد لمقدمي طلبات اللجوء منذ عام ١٩٨٤.
وبمقتضى قانون الهجرة الجديد الذي يدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير/ كانون ثان من عام ٢٠٠٥ فإن طالبي اللجوء الذين يتعرضون للتهديد بسبب جنسهم ( على سبيل المثال عن طريق الختان) أو الذين تطاردهم جماعات غير حكومية، سوف يمنحون حق اللجوء.
يبقى باب القضاء مفتوحا أمام طالبي اللجوء في ألمانيا حتى المحكمة الدستورية الاتحادية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق